الشرق الاوسط - سلمان الدوسري
في سابقة هي الأولى في تاريخ المجلس الوطني الإماراتي (البرلمان)، طالب أحد النواب رئيس المجلس عبد العزيز الغرير، بالتنحي عن رئاسة المجلس وتقديم استقالته وافساح المجال لرئيس جديد، متهما إياه بالتسبب في «انقسام واضح في المجلس» و«التمييز» و«تهميش الأعضاء».
وقبيل انتهاء الجلسة الثالثة للمجلس من دورته الحالية، التي جرت أمس، فاجأ العضو الدكتور سلطان المؤذن (النائب عن إمارة الفجيرة) أعضاء المجلس والمراقبين بدعوة رئيس المجلس بالاستقالة وعقد انتخابات جديدة لاختيار رئيس آخر.
وفيما اكتفى رئيس المجلس الوطني عبد العزيز الغرير بالرد على مطالب النائب المؤذن باستقالته بالقول «شكرا لك على هذه الكلمة الطيبة» مضيفا «وأنت سباق في هذا الكلام»، في إشارة كما يبدو إلى خلافات في وجهات النظر بينهما، كما أكدت مصادر برلمانية، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سلطان المؤذن إنه يستغرب الضجة التي أحدثتها مطالبه باستقالة رئيس المجلس، مشيرا إلى أن المطالبة باستقالة رئيس أي برلمان في العالم هي أمر طبيعي، وعندما سألناه أن الوضع في الإمارات مختلف، والدليل أنه لم يسبق أن حدثت مثل هذه المطالبة، رد بالقول «ألسنا تحت قبة البرلمان، ألا يجدر بنا أن نطرح ما نراه مناسبا، للمفارقة أن الحكومة ترفع من سقف الحرية أكثر مما يفعله المجلس الوطني، والسبب أننا لا نتمتع في هذا المجلس بقيادة تتناسب وهذه المرحلة الهامة في تاريخ السلطة التشريعية». وأضاف المؤذن «اقول للأخ العزيز عبد العزيز الغرير، بما أنه غير متفرغ لإدارة المجلس، وعليه ترك الرئاسة والتفرغ لأعماله التجارية».
وأنتخب الغرير، وهو رجل أعمال ومصرفي معروف ومدرج على لائحة اكبر الأثرياء في العالم، حيث تقدر ثروته بعدة مليارات من الدولارات ويدير امبراطورية أعمال عائلية مترامية، رئيسا للمجلس الذي يعتبر أول مجلس منتخب جزئيا في تاريخ الإمارات، كما أن عبد العزيز الغرير أحد الأعضاء الذين سمتهم حكومة دبي ليمثلوا الإمارة في المجلس.
ولا يتمتع المجلس الوطني الإماراتي بصلاحيات واسعة، بالرغم من أنه منتخب جزئيا، غير أن الرئيس الإماراتي أعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2005، عن حزمة من القرارات لتطوير الصلاحيات التشريعية للمجلس، وذلك عبر ثلاث مراحل رئيسية: أولاها انتخاب نصف أعضاء المجلس من خلال قوائم انتخابية مختارة من كل امارة على حدة، وهو ما جرى تنفيذه في مطلع 2007، أما الخطوة الثانية فتشمل ثلاثة عناصر رئيسية أولها زيادة مدة دور انعقاد المجلس الوطني الاتحادي، وهذه أقرها المجلس الأعلى للاتحاد الشهر الماضي، بينما لايزال الشارع الاماراتي بانتظار بقية الخطوات وهي زيادة عدد أعضائه، البالغين أربعين عضوا، وثالثا توسيع صلاحياته، وكذلك المرحلة الثالثة التي تتطلب تنظيم انتخابات عامة لعضوية المجلس الوطني الاتحادي. كما شهدت جلسة الأمس، مطالبات بزيادة حصة مساهمة الإمارات في ميزانية الدولة الاتحادية، وعدم حصر المساهمة في إماراتي أبوظبي ودبي، وقال العضو عبد الرحمن شاهين إن دستور الإمارات يؤكد مساهمة كل إمارة في الميزانية الاتحادية، على أن يحدد قانون نسبة مساهمة كل إمارة، مضيفا أن هذا القانون لم يصدر حتى الآن، وأن إمارة أبوظبي «لاتزال تساهم بالنسبة الأكبر من ميزانية الدولة».
وانتقد تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس، عدم تخصيص كافة الإمارات نسبة معينة من مواردها السنوية لتغطية نفقات الميزانية العامة السنوية للدولة «إعمالا لحكم المادة 127 من الدستور، حيث لم تساهم في الميزانية سوى إماراتي أبوظبي ودبي».
من جهته، رد وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير على المطالب بأن تساهم باقي الإمارات في الميزانية الاتحادية، باقتراح أن يقوم المجلس الوطني بإصدار «توصية» ترفع لمجلس الوزراء الذي بدوره يناقش ذلك. وبحسب ارقام عرضت أمس في جلسة المجلس الوطني الاتحادي، فإن الميزانية العامة للاتحاد عن السنة المالية 2009، والبالغة 42 مليار درهم إماراتي، ساهمت فيها إمارة ابوظبي بمبلغ قدره 17 مليار درهم وبنسبة تصل إلى 43 في المائة، فيما كانت مساهمة إمارة دبي 1.2 مليار درهم بنسبة تصل إلى ثلاثة في المائة، في حين لم تساهم في الميزانية أية من الإمارات الخمس الأخرى وهي: الشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القوين والفجيرة.
يذكر أن الميزانية الاتحادية لدولة الإمارات تعتمد على الإيرادات الاتحادية (وتتضمن إيرادات الوزارات والمؤسسات الحكومية الاتحادية شاملة شركتي البريد والاتصالات)، والتي بلغ إجماليها 24 مليار درهم، بالإضافة إلى إيرادات مكملة تسمى في الموازنة العامة: مساهمات الإمارات، وهي إيرادات من حكومتي أبوظبي ودبي فقط لدعم الموازنة الاتحادية، وغالبا ما تكون مساهمة حكومة أبوظبي بنسبة أكبر، وهو ما يعني أن مساهمة الإمارتين هي من يخلق الموازنة بين الإيرادات والمصروفات، ويمنع من حدوث عجز في الميزانية.
وكشف وزير الشؤون المالية الاماراتي لدى مناقشة مشروع الميزانية العامة للاتحاد ان وزارة المالية والصناعة بصدد اعداد قانون للايرادات يجرم عدم توريد أية حكومة محلية النسب المحددة عليها في الميزانية.